حيّاكم الله أيها الثائرون الأبطال وبارك في جهادكم وأمّدكم بنصره وتوفيقه وكتب ميتكم في الشهداء الأبرار وحيّكم في عباده الأحرار .
لقد أثبتّم بثورتكم المقدسة هذه عدّة حقائق :
الأولى : أنكم سفهتم دعوى فرنسا المفترية التي تزعم أن الجزائر راضية مطمئنة فأريتموها أنّ الرضا بالاستعمار كفر وأنّ الاطمئنان لحكمها ذل ، وأنّ الثورة على ظلمها فرض .
الثانية : أنكم شددتم عضد إخوانكم المجاهدين في تونس ومرّاكش ، وقويّتم آمالهم في النصر ، وثبتّم عزائمهم في النضال ، وقد كان من حقهم الثابت أن ينتظروا هذه النجدة منكم فجئتم بها في وقتها وكفّرتم عن التقصير بهذه المباغتة المفزعة لعدوّكم .
الثالثة : أنكم وصلتم بثورتكم هذه حلقات الجهاد ضد المعتدين الظالمين الذي كان طبيعة ذاتية في الجزائري منذ كان ، وكشفتم عن حقيقته الرائعة في إباء الضيم والموت في سبيل العزة وجلوتم عن نفسيته الجبارة ما علق بها في السنين الأخيرة من صدأ الفتور .
الرابعة : أنكم بيضّتم وجوهاً وأقررتم عيوناً ، وسررتم نفوساً ، مملوءة بحبكم معجبة بصفاتكم القديمة في الجهاد ، راثية لحالتكم الغابرة .
أيها المجاهدون الأحرار :
إنّ فرنسا لم تترك لكم ديناً ولا دنيا فأوقافكم مصادرة لم يبق منها أثر ولا عين ، ومساجدكم حوّلت إلى كنائس ومرافق عامة ، وأرضكم الغنية مغصوبة ، وأعراضكم مستباحة ، وكرامتكم مهدورة ، وقد أراقت فرنسا من دماء أبنائكم أنهراً في الحروب الاستعمارية والإجرامية ، ولا تزال حتى الآن تطمع في تسخير الملايين منكم لإذلال الأحرار من أمثالكم ، كما فعلت في مدغشقر والهند الصينية ، ولا تزال تساوم بكم وبخيرات أرضكم الدول الكبرى لمصالحها كأنكم ضرب من البضاعة ، ولقد عرفنا من خبث فرنسا ما يحملنا على الاعتقاد بأنّ ما تنويه من غدر وما تخفيه من حقد أعظم من أن يوصف فانتبهوا أشدّ الانتباه .
أيها الأحرار الجزائريون ، أيها المكافحون في جميع أقطار المغرب العربي :
اعلموا أنّ الجهاد للخلاص من هذا الاستعباد قد أصبح اليوم واجباً عاماً مقدساً ، فرضه عليكم دينكم وفرضته قوميتكم ، وفرضته رجولتكم ، وفرضه ظلم الاستعمار الغاشم الذي شملكم ، ثم فرضته أخيراً مصلحة بقائكم لأنكم اليوم أمام أمرين :
إما حياة أو موت ، إما بقاء كريم أو فناء شريف .
محمد البشير الابراهيمي